من كتاب القريتين و تراثها الشعبي للأستاذ غازي محمود الشلحة
منظر من القريتين
أيا واردي أمّ القلائـدِ
( فارس الفياض ( 1))
صورة تعبيرية |
ذكرنا في الباب الثانـي وجود مخطوطتين حول أصول بعض العائلات فـي القريتين, إحداها نشـــــــــرتها عام 1992م, علماً أن النســـــخة الثانية نشــرها الباحث ســــــــــليم نعيم الزهراوي في كتابه ( جذور ريف حمص ), وما نشره الزهراوي يتضمن معلومات خاطئة ومخالفة للنسخة التي نشرت عام 1992م في كثير من النقاط, ولذا قمت بالرد على ماجاء في الكتاب المذكور, وأرسل هذا الرد إلى صحيفة العروبة تحت عنوان ( الهالوك في جذورالقريتين، والهالوك نبات متطفل يضعف البنات).
صورة تعبيرية |
سادساً- العلاقات مع البدو : تقع القريتين على حدود بادية الشام الغربية, ولأهلها علاقات وثيقة مع البدو, فالبدو يترددون إليها لشراء حوائجهم وبيع ما يودون بيعه من سمن ولبن وجبن وصوف ووبر وماشية, ولقد كانت القريتين وما جاورها من مناطق مثل الباردة والمحسة والبصيري والعليانية والجباة وحفير وغيرها (4) مناطق اصطياف محببة للبدو ولاسيما الرولة, حيث كان شيخهم فواز الشعلان يضرب مخيمه على وادي العين ( أم القلائد ) (5) وكذلك كان قبله أبوه نواف وجده النوري (6), فمن المعروف إن ارتحال البدو من مكان لآخر أو ما يسمى بالانتجاع أمر مفروض طلباً للماء والمرعى, ولاسيما في مواسم الشتاء والصيف وهو ما يسمى بالتشريق والتغريب عند البدو, ففي الشتاء حيث الْخَبْرات والغدران الممتلئة بمياه الأمطار في قلب البادية تجعلهم يتنقلون في أرجائها, وفـي الصيف عندما تقل المياه, ويشتد الحرّ, يقصد البدو الأراضـي المجاورة للمعمورة ( قرى سيف الصحراء ) ومنها القريتين, ومن هنا كانت العلاقة مع البدو منذ القدم .
صورة تعبيرية |
خامساً : العلاقات والأنساب :
أبناء القريتين بشكل عام كادحون ومجاهدون في هذه الحياة والبيئة القاسية, ولقد كانت العلاقات الاجتماعية وما زالت علاقات متينة تخفف من قسوة هذه الحياة وصعوبتها, وأبناء القريتين بكل فئاتهم يحب بعضهم بعضاً, وخصوصاً في الاغتراب حيث تنتهي الخلافات والأحقاد مهما عظمت, وكان أبناء القريتين يحزنون إذا حدث مكروه لأي فرد فيها, ويفرحون إذا حدث أمر سارٌّ له كذلك, أي أن العلاقات الاجتماعية متينة بين العائلات, والجار يحترم جاره, والجيران يتبادلون الهدايا, فمن لا يملك كرماً يتم تفقده بسلال العنب والتين, والجار كما يقولون (ما بيخلّي عليه ) .
صورة ( 13 ) محماس القهوة بيده الطويلة وكذلك ملعقته |
رابعاً - القهوة المرة: هي مشروب الأجاويد, ومن ضروريات المضافة ( المنزول ) في القريتين, وأولويات إكرام الضيف, وهي تدل على كرم صاحبها, فيقال ( فلان فاتح منزولو للقريب والبعيد, وقهوتو ما بتنقطع لا بالليل ولا بالنهار ), ولذا تجد في منزوله عدتها كاملة , وهو يفتخر بها في بيت عتابا قائلاً :
أبو نَهد: الفتاة ذات الثديين.
اتْخسه: تقال لتحقير الآخر.
أجفيت: رحت وذهبت.
إشكارة: قطعة أرض تزرع.
إشلون : كيف.
أشّو بيك: ماذا جرى أو حصل لك اندهلو: نادي له.
أنطيتو: أعطيته (1 ).
أنكلة : سخرية.
البعر: روث الحيوانات.
البقجة: صرة قماشية مربعة الشكل لحفظ الثياب.
البَكْلَمَة: يقال عامِلّو بَكْلَمَةْ أي قام بعمل غير مقبول أو مشكلة, وغالباً تتكرر عنده المشاكل.
بلكي: ربّما.
بهذلَـهو: حقّره وأساء إليه.
تُدرج: تمشي ببطء.
التراكي: حلق ذهبية للزينة أصلها ليرات تركية ( عثمانية ).
ترف: الفتاة المترفة المكتنـزة وذات الخصر النحيل والظريفة.
التشريبة: خميرة القهوة.
تعا جاي: تعال إلى هنا.
الحِنت: حجرة من النحيت فوق الباب, وفلان حِنت أو متحجر أو خشبة أي غير مرن.
حوطّك بَالله: دعاء بمعنى يحيطك الله بحفظه.
حوينتو: تقال لمن هو جيد لكن للأسف فيه أمر غير مستساغ.
حيّا اللا: أي شيء.
الخر: مجرى سيلي ذو انحدار ضيّق، ومنه الخرير: صوت الماء.
الخرمان: الفاقد لشيء مولع به كالدخان.
خش: ادخل, وهي تستخدم كثيراً لدى البدو.
خُشكار : خبز جريش .
خطّار: زوار أو ضيوف.
الدايح: قليل المكوث في بيته ومع أهله.
الداير: ثوب فضفاض سفلي تلبسه المرأة.
الدبيب: المشي ببطء وكثيراً مايقال دبيب النمل.
دح: جديد - دحّج: انظر وتفحص.
دزّه أو دزّ له: بعثه وأرسله, ودزّ له أي أرسل له.
الدَّسكر: لوح خشبي مثبت على حاملين مبرومين يوضع عليه الطين لصنع اللِّبن.
دشّرو: اتركه .
الدشمان: الأعداء.
دهدورة: انحدار بسيط.
الدوّاش: الخادم.
ذرى كلّ: حماية لكل.
الذّلول: الناقة.
ذوملت: أسرعت الناقة وخاصة في البداية, وردت الكلمة في قصيدة محمد طيفور (أبو عزات).
ذيب الشلايا: الذئب الذي يهاجم الغنم بقوة, وأطلق على الرجل الذي لا يخاف.
راعية البيت: صاحبة البيت.
الرَّبع: الجماعة أو الرفاق, والمِرباع مكان الإقامة في الربيع ويقال فلان مربّع أي سمين كالذي يعيش في فصل الربيع.
الرّحل: الخرج على ظهر الحمار.
رقعة اللواث: رقعة لوضع أقراص العجين.
يرهج: يلمع.
ريتك: ليتك.
زعيق: صوت عالٍ ويطلق على صوت البوم.
الزّاد أو الزوادة: الأكل والشرب أو ما ادخره الإنسان لما هو آت.
زتّوه: رموه ولم يهتموا به.
الزلف: من حلي المرأة الذهبية، وقيل من الذّلُف: وهي المرأة الحسناء ذات الأنف الصغير والمليح.
زلمة البيت: رجل البيت.
زليّت: أخطأت.
الزهاب: الزوادة.
الزول: الشخص أو الخيال, وتستخدم كثيراً في السودان وفي البادية للتعرف على الشخص القادم فيقال: ويش هالزول أي مَن الشخص ؟
الزين: البنت المزيونة الجميلة أو المحبوب.
سروة: السفر صباحاً.
السمندرة: توضع عليها الفرش واللحف .
السنّاد: مساند محشوة بالقش يسند الظهر عليها.
السوالف: تطلق على الحكايات وعلى الشعر مابين الأذن والخد.
السياق: المهر والصداق.
شبّت ناره: أوقدها.
شبقو: ضربه.
الشداد: يوضع على ظهر الناقة الذلول كالسرج.
شرشحه: حقّره وأساء إليه.
شرطوطة: قطعة قماش طويلة.
الشكوة: ( المِمْخَض ) وعاء جلدي يشبه القربة لخضّ الحليب لصنع الزبدة ثم السمن.
شلخه: مزّقه.
إ شِلك:كم قماشي يلبس أثناء الـخَبْـز.
شمطو: نزعه بقوة.
الشنينة: ( المخيض ) اللبن بعد أخذ الزبدة منه.
شوحتلو أو شحتلو: لوحت له.
شو أو أشّو: ماذا.
شوّشت معه: تقال للمنفعل وكاد يخرج عن طوره بعد غضب أو طرب.
الصمّال: من يجلب الماء, وتستخدم كثيراً لدى البدو.
صّمل: رجل غير متزوج, وتستخدم كثيراً لدى البدو.
صميدعي: يحسن التدبير ولا يبذر.
طريح الفراش: المريض أو الجريح.
الطفران: لا نقود لديه.
الضنى: النسل والأولاد.
أحدعش وأثنعش... إلخ: أحد عشر واثنا عشر... وهكذا حتى العدد 19.
الطرّاحات: مفروشات بداخلها الصوف غالباً توضع في البيت العربـي للجلوس عليها.
الطراشة: الرعاة.
طروش: المسافر
طشّوا الجماعة: تفرقوا وتوزعوا.
طَفَش أو طَفَر: ذهب وهام على وجهه منزعجاً.
طَنّش: أصمّ أذنيه وتجاهل ما حوله.
عُبّو: صدره, وعَبّوا: ملأوا.
العَجي: الولد ومؤنثه عجية, وفي الفصحى: الذى تموت أمه فيربيه صاحبه بلبن غيرها.
العذاريب: جمع عذروب وتعني الأخطاء, ويقال: مافيها عذروب أي كل ما فيها حسن وجميل.
العرموش: العيدان ضمن عنقود العنب.
العزوة: الجماعة.
العزومة: الوليمة, ويقال: فلان عامل عزومة أي وليمة, وأنت معزوم أي مدعو إلى وليمة أو فرح أو سهرة... إلخ, وفي المثل القروانـي ( مَن عزمك حلّ واجبه عليك ).
عفت: تركت أو كرهت وعندما يقال عيَّفني حالي أي كرّهني نفسي.
العِفش: غير مرتب والعَفَش تعني الأغراض ومحتويات البيت.
العفن: الوسخ.
عقب ( باللهجة البدوية ): بعد.
العقصة: ضفيرة الشعر المعقوفة.
عقيد ربعه: الذي يقود جماعته.
العُكّة: بالضم:آنية أو وعاء جلدي لحفظ السمن العربـي أو العسل كالشكوة, أصغر من القربة وتستخدم الراوية والقربة لجلب الماء وحفظه وهي كلمات فصحى.
علوَّاه: ليت وأتمنى.
عليك مردود النقا ( القاف باللهجة البدوية): تقال للخصم تحذيراً وتحدياً, ويكون رد الخصم إذا قبل التحـدي: وعليكَ الأمرّ منه.
عمّل الجرح: تقيّح.
العَيّل: الصغير أو الولد.
الغاوي: الجاهل أو العاشق.
الغرّ: البنت البكر أو الجديد في الجيش أو في العمل.
غزّ الرمح: انصبه.
الغشيم: الذي لا يعرف.
غصباً عنو: رغماً عنه.
الفخجة: الخطوة المديدة.
الفريق: تستخدم لدى البدو أيضاً وتعني مكان تواجد العشيرة ( النزل ) أو العشيرة.
فز من مكانك: قم من مكانك.
القاع ( القاف باللهجة البدوية ): الأرض.
قد حالو: قادر ويحسن التدبير.
قاله وتلفظ باللهجة البدوية : مشكلة.
قبالي: مواجه لي.
القربة: تصنع من جلد الماعز لجلب الماء وتربط فوهتها بحبل.
قرقوطة:قطعة حطب من روث.
قشاط: حزام جلدي حول الخصر.
قشوة : طبوقة تعلق بالسقف للأطعمة.
القصير ( باللهجة البدوية ) : الجار.
قضبتو( القاف باللهجة البدوية ): مسكته.
قَضِيت ( باللهجة البدوية ): انتهيت.
القلادة: ليرات ذهبية متصلة تزين بها الأنثى صدرها.
تِقلّط ( باللهجة البدوية ): تقدم.
قمّطو: لفّـه.
القمقوم: الدلّة الكبيرة.
قوطر ( باللهجة البدوية ): ذهب ومرّ.
قوّك ( باللهجة البدوية ): تقال للترحيب والسلام على الآخر والرد: الله يقويك.
كار: طريقة وعمل ويقال: كار القصة لمن يعيد ويكرر الأمر.
كتبية ( خرستان ): تجويف في جدار الغرفة على شكل مستطيل له رفوف لوضع الأدوات
كَتّ علينا: نزل علينا.
كَحَتهُ: طرده.
الكذلة ( القذلة ): ضفيرة الشعر.
كَرَج: مشى بسرعة.
الكرمول: ضفيرة الشعر من الخلف أو ما يوضع معها من شرطان قماشية أثناء تجديلها.
كعشو: مسكه.
كمان: استمرّ، استزد
كوارة: نصف خابية للقمح أو للشعير.
كويس: جيد.
لَسْـبدْ: لا بد.
لعاد أو ليش: لماذا.
لفانـي: أتاني.
لقطو: مسكه.
لوّذ عن: اختفى وغاب عن ومنها كلمة لوذة.
ما أبغي: ما أريد.
ما حكيتو: لم أكلمه.
المتليك: عملة عثمانية تعادل ربع قرش, ويقال في القريتين: فلان ما بيسوى متليك.
المداس: الحذاء.
المدقدق أو المدقوق: الموشوم.
مرخّي لو: تارك له.
المروّة : المروءة والقوة.
المزويّة: العباءة الرقيقة.
المفرّع: حاسر الرأس.
مفكور: مصاب بالعين.
المقياظ: مكان الإقامة صيفاً.
مكمي: مخفي.
ملصّم: واضع على فمه وأنفه المنديل.
ملفاه: طريقه وبياته.
مندل: لا استدل عليه, والمندل هو التنجيم وما يفعله المشعوذ.
منقع الطيب: أصله وأساسه.
المهباج: جرن القهوة.
مواعين: ثياب.
موق العين: مقلتها.
الميل: المرود الذي يكحل به العين.
نتعه: حمله.
النذل: ذو الصفات السيئة, والنذالة تعني البخل والعمل المشين.
النشمية: الصبية الجميلة والنشيطة, والنشمي هو النشيط وصاحب المروءة.
النصيبة: الشاهدة الموضوعة على القبر.
ندفه: أخذه خفية.
نطحني: قابلني وجهاً لوجه, ونطحه بقرنه أصابه به.
النملية: خزانة حفظ الأطعمة.
نيّالك: تقال لمن لديه ما يحسد أو يغبط عليه.
هبيل أو المهبول: مجنون.
الهتلي: العفن أو المسن, والـهَتيلي هو فاقد العقل والذي لا يهتم بمظهره.
هجّ: هرب.
هجْوَلو: جعله غير مستقر في مكانه.
الهجن: النياق المعدة للركوب والأنثى تدعى حُرّة وقد وردت في قصائد سابقة.
هدوم: ملابس.
الهرج: الحديث والكلام.
هواتو: ضربَته.
الهوشة: القتال وهاش عليه أي هجم عليه.
واطي: قليل الحياء، أو المنخفض.
الوشل: الألم.
الوِلف أو الوليف: الحبيب.
ونتي: آهتي.
يا حيف: كلمة تأسف تقال عندما يكون فـي الأمر نقص أو مذمة .
يا اللي: أنت الذي أو أنتِ التي.
يتصلّج: يتباطأ فلا ينجز عمله.
يلبق: يليق.
يومنّك: يوم أنك.
صورة تعبيرية |
ثالثاً – الضيافة في القريتين : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) (2)
إن موقع القريتين على أطراف البادية جعلت أهلها يكتسبون الكثير من صفات البدو الحميدة من خلال نزولهم بها لسقاية مواشيهم من أم القلايد (وادي العين) ولتسويق منتجات أنعامهم ومن بين الصفات الحميدة الشجاعة والنجدة والكرم, فقد توارث أبناء القريتين هذه الخلال الكريمة, واعتزوا بها ولعل أبرزها الكرم, فإكرام الضيف واجب التزم به أهل القريتين, ومن مظاهر هذا الإكرام استقبال الضيف ببشاشة امتثالاً لقول أحد أجدادهم العرب :
وَمَا الخَصْبُ لِلأضْياف ِأنْ يكثرَ القِرى وَ لكِـنّـما وَجْـهُ الكَـريمِ خَصِيبُ
والمثل القرواني يقول ( لاقي لي ولا تطعميني ) وأبناء القريتين حريصون علـى سمعتهم وسمعة مدينتهم ورغم أن تعداد نفوس القريتـين تجاوز ( 32 ) ألف نسمة فلا يوجد فيها حتى الآن فندق, وقد جرب أحدهم أن يفتح فندقاً فيها إلا أنه اضطر لإغلاقه بعد مدة قصيرة, فالغريب الذي يأتي القريتين مدة قصيرة سينزل ضيفاً عند أحد معارفه وسيجد كل ترحاب, فالضيف عند أبناء القريتين ضيف الرحمن, والضيف ( بيجي وبتيجي رزقتو معه )كما يقول الأهالي دائماً.
وللضيافة في القريتين تقاليدها فما إن يطرق الباب ضيف حتى يبادر صاحب البيت بالترحيب به بوجه بشوش, وتسمع كلمات الترحيب ( أهلاً وسهلاً, تفضل, البيت بيتك, حلّت علينا البركة, عليم اللّه إنك شرفت ....) . ثم يدخله إلى المضافة (المنزول) ويدخل أولاده للسلام عليه والترحيب به, وهنا لابد من تقديم القهوة المرة, كما يحرص صاحب البيت على تقديم وجبات الطعام في مواعيدها ولاسيما وجبة الغذاء ( المنسف والشاكرية ) غالباً, ويدعو إخوتــه وأصدقاءه ويسهرون معاً ويتحدثون في أمور تُهمُّ الضيف, بحيث يشعر بأنه بين أهله, وخلال السهرة إذا كان الضيف يحب العتابا دعا صاحب البيت إلى السهرة من يعزف على الربـابة ويغني عليها, وتدار القهوة المرة والفاكهة والشاي, وإذا مكث الضيف عدة أيام دعي في اليوم التالي لتناول الطعام في بيت أحد المقربين, وإلى السهرة في بيت آخر وهكذا طيلة فترة الضيافة.
هذا ولا يجوز سؤال الضيف عن حاجته إلا بعد مرور ثلاثة أيام وهي عادة أهل البادية إذا لم يتحدث عن ذلك بنفسه, ولتأكيد ( الخبز والملح ) فلا بد أن يصيب الضيف أكثر من سبع وجبات من الطعام, ولا بد من منادمته وتسليته بالقصص المسلية والأحاديث الشـيقة, وكذلك حمايته مـمن يحاول الاعتداء عليه, فضيف القريتـين لا يعدم فيها من يكرمه ويحميه.
تاسعاً: الصيد :
أتقن ابن القريتين فن الصيد وتعددت طرقه حسب الحيوان المراد صيده ونتيجة ذلك انقرضت بعض الحيوانات كالغزال الذي كان يتواجد بكثرة في البادية السورية, ولقد تنوعت أدوات الصيد بين الأسلحة النارية والشباك والفخاخ والنقيفة (المطاط) , وللصيد أوقات حسب الحيوان الذي يتم اصطياده, وسأبدأ بصيد انقرض وبقيت آثاره خارج القريتين كأطلال تشير إلى ما تعرض له الغزال من صيد جائر وظالم على يد الإنسان.
خامساً - صناعة الخبز :
قبل أن نتحدث عن القريتين وتراثها لابد من إعطاء القارئ لمحة جغرافية ثم تاريخية موجزة عن هذه المدينة الجميلة والعريقة في القدم.
فالقريتين الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة حمص, تبعد عنها حوالي (95) كم عن طريق مهين- صدد, و (120) كم عن مدينة تدمر, وضمـن حدود بادية الشام ( المصور رقم 2).
المصور رقم ( 2 ) يبين القطر العربي السوري وفيه يتبين موقع مدينة القريتين
القريتين تاريخياً قديمة قدم الينابيع المتفجرة فيها, فقد سكنها الإنسان الأول منذ عصور ما قبل التاريخ ( قبل 3200 ق0م ), حيث سكن هذا الإنسان الكهوف والمغاور, واقتات بثمار الأشجار الطبيعية وحيواناتها, ثم بدأ بتشييد المنازل بعد أن عرف الزراعة والاستقرار ولاسيما قرب الأنهار كنهر وادي العين, والينابيع الجارية الكثيرة فيها, ومن هنا بدأت القريتين بالنمو وتعاقبت عليها العصور التاريخية وتعددت أسماؤها خلالها فهي نَزَالا (نَشَالا) من أيام السومريين (أقدم الأمم التي سكنت جنوب العراق وقد انتهت دولتهم 2360 ق0م ), وهي ( قِرْيتايم ) التي تعود إلى أيام الكنعانيين حوالـــي 1900 ق.م, كما هي ( حَصَر عينان) أي مجمع العيون عند الآراميين 1450 ق. م.
وإن ورود ( قِرْيَتايم ) في التوراة اليهودية في سفر التكوين 14 / 5, و (حَصَر عينان) في سفر العدد 34/7-9, يشير إلى وجودهما قبل التوراة التي بُدِأ في كتابتها في القرن السادس قبل الميلاد(1), والقريتين هي سَميرام عند الآشوريين الذين بدّلوا أسماء المدن المغلوبة, وهي أم القلايد عند البدو.
لقد نشر الباحث الفرنسي (وادينغتون) عام 1847 م دراسة وقراءة لكتابة مكتشفة في القريتين مدونة بالقلم اليوناني وتعود للعصر الروماني وتتضمن الكتابة اسم (نـَزالا), وهو الاسم القديم للقريتين(2) وذلك فـي كتابه الذي سماه (وسط سورية), كما أثبتت الألواح الطينية أي الرقم المكتشفة في مملكة ماري( 3 ) الواقعة على نهر الفرات قرب البوكمال في مكان يدعى تل الحريري والتي هي أهم ممالك العموريين الذين وصلوا إلى بلاد الشام من جزيرة العرب حوالي 2500ق. م, حيث أثبتت هــذه الألواح اسم نـــَــزالا بلفظــة ( _ sa _la _a Na), وفي أحد الألواح ما يشير إلى استنجاد حاكم نزالا بملك مملكة ماري في الألف الثانية قبل الميلاد ونجدة الأخير له.
كما كانت نزالا ( القريتين ) في القرن الثامن عشر قبل الميلاد تتبع مملكة قطْنة وقد عُرف من ملوكها أموت بيل ( Amut – Piel ) الذي كان حاكماً لنزالا ( Nazala ) وولياً للعهد, وقد أصبـــــــــــــح ملكاً على مملكة قطنة ( Qatna ) بعد وفاة والده إشــــــــــــــــــــــــــخي أدد ( Ishchi Adad ) الذي يعد مؤسس السلالة الأمورية منذ أواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد , ويعد الملك أموت بيل من الملوك الأقوياء الأربعة الذين حكموا المنطقة وهم حمورابي ملك بابل وريم سين ملك لارســـــــــــــــــا وياريم ليم ملك يمحاض وأموت بيل ملك قطْنة . المصور رقم ( 5 ) .
المصور رقم ( 5 ) يبين مملكة قطنة وأهم مدنها نزالا ( القريتين )